الجمعة، يناير 21، 2011

على هامش المعمودية

قرأنا في الجزء الأول من موضوع المعمودية أن يوحنا المعمدان لم يتعمد لأنه من بطن أمه امتلأ بالروح القدس١ وعلمنا مدى الصلة بين الروح القدس والمعمودية حيث أنها صلة حقيقية٢ إذ أنه لا معمودية إلا بالروح القدس فهو الذي يعطي ماء المعمودية فاعليته وبلا روح قدس فلاشيء٣ .
إلا أن هذا الكلام لقي معارضات لطيفة من الأخوة الرافضين رافضاً تاماً وجود أي صلة بين موضوع المعمودية وموضوع الروح القدس فهما منفصلان وأن الروح القدس له مهاماً محددة ذكروها مراراً ولكن بمنآى عن المعمودية بشكلٍ تام !* ولكن المنطق يقول أن الكلام المُوَثق هو أوثق من الكلام الشفوي المرسل لهذا كان كلام المرجع المسيحي دليلاً على صحة موضوع المقال فلما يكون روح القدس هو المُعطي لماء المعمودية فاعليته٤ للتطهير فبالتالي يكون هو أولى ـ الروح القدس ـ بالتطهير دون أن يحل على الماء فضلاً عن أنه أقنوم كامل له جميع الخصاص غير محدود ، فيكون يوحنا المعمدان الذي امتلأ في بطن أمه بالروح القدس قد نال العماد مباشرة من المصدر الأطهر .

ولما تساءلنا عن مصدرية تعميد يوحنا المعمدان أي من الذي عمده ؟ اختلفت جميع الأجوبة عن بعضها البعض إذ كانت كالتالي :
1. أنه لم يتعمد أصلاً
2. أنه نال معموديته بالدم إذ قد مات شهيداً
3. أنه نال عماده من عملية الفداء كما نالها جميع الراقدون المؤمنون قبل الفداء
**
إلا أن جميع تلك الأجوبة لم تعتمد على مصدر أو مرجع لتستند عليه في طرحها باقية على ما هي عليه من فكرة انفصال موضوع الروح القدس عن موضوع المعمودية ! ورغم أن النص الكتابي واضح وضوح الشمس وصريح في أن يوحنا المعمدان نال الروح القدس في بطن أمه وهو ما تجري من أجله المعمودية ويرفضه البعض يؤكده كلام القساوسة المسيحيون الكرام . ثم دللنا أن عظمة يوحنا المعمدان تكمن في أنه تمتع بالثالوث القدوس روحاً وحساً٥ .
إن خروج يوحنا المعمدان من بطن أمه متمتعاً بالروح القدس يملئه روحاً وحساً هو تماماً كخروج المؤمنون من فُلكِ نوح بعد هدوء الطوفان وكخروج النبي يونان من بطن الحوت بعد الغفران وكخروج العبرانيين من أرض مصر من وجه الطغيان ، كل ذلك ألا يشبه قيامة المسيح بعد دفنه وهو الذي ترمز له المعمودية ؟؟ فلما نقول أن كل تلك الحوادث رموز لقيامة المسيح بعد دفنه وهو ماترمز له المعمودية والتغطيس ثلاثاً ثم لما يكون يوحنا المعمدان يماثلهم في ذلك نقول "لا" إنه أمر مختلف !! فعلى أي شيء اعتمد الرافضون في جعله مختلف ؟
هذا فبإيراد بعض الأدلة التي توافق موضوع المقال وعليه يكون القديس يوحنا المعمدان مبرءاً من الخطأ الفعلي إذ لم يُعرف عليه خطأ ، وما كان ليُخطئ٦ فضلاً عن ولادته مبرءاً من الخطية الموروثة٧ ومن ذلك نجدنا أمام الاختيار الإلهي للمسيح فادياً لأنه بلا عيب٨ أنه قد أُبطِلَ لوجود آخر سابق عليه في القداسة والميلاد وإلا فعلينا أن نقبل أن الاختيار الإلهي كان على أساس اصطفاء وليس على أساس نقاء ، إذ قد أخطأ الجميع .


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

١ الكتاب المقدس ، العهد الجديد ، إنجيل لوقا (1 : 15)
٢ مكرم نجيب ، المعمودية بين المفهوم والممارسة ، دار الثقافة ط1 ، ص 128 ـ 138
٣ نفس المرجع السابق
* كلام السادة المحاورون في منتدى الأقباط الأحرار ، الأخت الفاضلة (ليه كده) ، الأخ (كوبتك إيجل) ، الأخ (اشمعنى)
٤ المرجع السابق
** أجوبة السادة المحاورون في المنتدى الأخت الفاضلة (ليه كده) ، الأخ (كوبتك إيجل) ، الأخ (اشمعنى)
٥ البابا شنودة الثالث ، عظمة القديس يوحنا المعمدان، مقال ينص فيه أن يوحنا المعمدان تمتع بالثالوث القدوس روحاً وحساً ـ أي أنه تمتع بالشيء الذي تتم به المعمودية (متى 28 : 19) وذلك أثناء حياته ما ينفي جميع الأجوبة سالفة الذكر ـ
٦ إبراهيم سعيد ، شرح بشارة لوقا (1 : 15 : 16) ص12 فقرة ج ، ط4 ، دار الثقافة
٧ الكتاب المقدس ، العهد الجديد ، رسالة يوحنا الأولى (3 : 9)
٨ الكتاب المقدس ، العهد الجديد ، رسالة بولس الرسول إلى العبرانيين (4 : 15 ، 7 : 25 ، 9 : 14) ورسالة بطرس الرسول الأولى (1 : 19 ، 2 : 22)